طرق اختيار الخليفة في الإسلام
كما هو ثابت في السيرة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين
وهي الطرق المثلى لتحقيق خلافة على نهج النبوة
وهي تثبت أن الإسلام الرسالة الخاتمة
نظام ديني وسياسي معاً
لإدارة حياة البشر وتسوسهم لمراد الله عز وجل
الطريقة الأولى :
ومن أُولَى هذه الطرق أو الأمثلة الرائدة، نجد طريقة اختيار خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فالأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ليختاروا من أنفسهم إمامًا للمسلمين، لكن ثلاثة فقط من المهاجرين قد اجتمعوا بهم، وهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ، فالنتائج التي توصَّل إليها المجتمعون والتي تمثَّلت في ترجيح كفة المهاجرين، ومبايعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لم نجد لها مثيلاً في تاريخ الحضارات البشرية، في اختيار زعيم أو رئيس بمثل هذا النقاش الحرِّ؛ خاصة إذا علمنا أن هذا الزعيم من فرع ضعيف في قبيلة قريش، وهو فرع تيم، بينما يترك الأنصار وهم في بلدهم الأمر له؛ لأنه الأصلح والأفضل ، ويمكن أن نطلق على هذه النموذج " الاختيار الشعبي المباشر " !
الطريقة الثانية :
وثاني هذه الطرق أو الأمثلة التي قَدَّمها المسلمون في المنظومة السياسية الحضارية ما قام به أبو بكر الصديق رضي الله عنه من عهد لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولم يكن هذا العهد جبرًا على المسلمين؛ فقد كان باختيارهم، وبعرض من أبي بكر رضي الله عنه لهم؛ فقد ذكر الطبري في تاريخه، أن أبا بكر خرج على الناس في مرض وفاته فقال لهم : " أترضون بمن أستخلف عليكم؟! فإني والله ما ألوت من جهد الرأي، ولا وَلَّيت ذا قرابة، وإني قد استخلفتُ عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا. فقالوا : سمعنا وأطعنا ".
ولم يكن فِعْل أبي بكر رضي الله عنه هذا مفاجأة للمسلمين؛ فقد استطلع آراء كبار الصحابة قبل قراره هذا، فمما رواه الطبري أن أبا بكر رضي الله عنه لما عزم على العقد لعمر رضي الله عنه في مرض الوفاة "دعا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، فقال: أخبرني عن عمر رضي الله عنه . فقال: يا خليفة رسول الله، هو والله أفضل من رأيك فيه من رجل، ولكن فيه غلظة. فقال أبو بكر رضي الله عنه : ذلك لأنه يراني رقيقًا، ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيرًا مما هو عليه، ويا أبا محمد قد رمقتُهُ فرأيتُني إذا غضبتُ على الرجل في الشيء أرانيَ الرضا عنه، وإذا لنتُ له أراني الشدةَ عليه، لا تذكر يا أبا محمد مما قلتُ لك شيئًا. قال: نعم. ثم دعا عثمان بن عفان، قال: يا أبا عبد الله، أخبرني عن عمر. قال: أنت أخبرُ به. فقال أبو بكر : على ذاك يا أبا عبد الله. قال: اللهم علمي به أن سريرته خيرٌ من علانيته، وأن ليس فينا مثله. قال أبو بكر: رحمك الله يا أبا عبد الله، لا تذكر مما ذكرتُ لك شيئًا. قال: أفعلُ ". ولذلك كان العهد لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنزلة " إجماع الأمة على مرشح الخليفة السابق ".
الطريقة الثالثة :
وثالث هذه الطرق التي قَدَّمَتْها الحضارة الإسلامية في منظومة السياسة العالمية، ما رأيناه من ترشيح ممنهج من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمن يأتي من بعده؛ فقد اختار ستة من كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم الذين اجتمعت آراء المسلمين داخل المدينة وخارجها على مكانتهم وفضلهم، ومن ثم صلاحيتهم لتولية إمامة المسلمين، والحق أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد اختار هؤلاء بناء على رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، فهم "المبشَّرُون بالجنة"، والمستغرب أنهم لم يكونوا ستة فقط، بل سبعة نفر، وهم : عثمان بن عفان الأموي رضي الله عنه ، وعلي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه ، وعبد الرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنه ، وسعد بن أبي وقاص الزهري رضي الله عنه ، والزبير بن العوام الأسدي رضي الله عنه ، وطلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله عنه ، وأما سابعهم فهو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، لكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد استبعده لقرابته منه ، فلم يشأ أن يلي أمر المسلمين أحد من آل عمر أو من أقاربه فـ"بحسب آل عمر أن يُحَاسب منهم رجل واحد !".
ومن دون شكٍّ أن هذه الطرق التي اقترحها عمر رضي الله عنه ، كانت مقبولة لأقصى درجة من خاصة المسلمين وعامتهم، بل يمكن القول: إنها توافقت مع ما استجد على ساحة المسلمين من رقعة شاسعة ، ومسئولية هائلة، فلم يكن من المتوقع أن يعهد عمر رضي الله عنه لأحد بعينه وسط هذه الظروف الجديدة، ومن ثم تواكبت هذه الآلية العمرية مع الأحداث حينئذ، وبالطبع فإنها كانت منضبطة بالضوابط الشرعية التشاورية؛ لذلك استطاع المجتمعون أو "أهل الشورى" أن يتوصَّلُوا إلى اختيار خليفة بطريقة تشاورية رائعة في المدة التي حددها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وتمت الموافقة على الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وهذه الطريقة التي استحدثها عمر رضي الله عنه ، بمنزلة " تنافس المرشحين بطرق شرعية على منصب الخلافة " .
الطريقة الرابعة :
والطريقة الرابعة التي تم اختيار الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه من خلالها، كانت غاية في الأهمية ويجب الوقوف أمامها؛ لأنها كانت ملازمة لأحداث استثنائية مرت بها الدولة الإسلامية حينئذ، وهذه الأحداث كانت الفتنة بعينها! ومن ثم، كان من الضروري أن تدرأ الأمة هذه المفسدة قبل استفحالها، فلم يكن من بُدٍّ أن يُسرع المسلمون لمبايعة رجل بمكانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو ما تمَّ بالفعل، حتى إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قد اشترط أن تكون بيعته عامة في المسجد، ولقد كان البعض كعبد الله بن عباس رضي الله عنه في تخوُّف من البيعة في المسجد وسط هذه الفتنة وأحداث "الشغب"، لكن البيعة قد تمت بالفعل من المهاجرين والأنصار في مسجد رسول الله ، وهذه الآلية الجديدة التي لجأ إليها المسلمون وسط هذه الأحداث الدامية يمكن أن نطلق عليها " اللجوء إلى الرجل المناسب في أوقات المحن " .
والحق أن هذه الطرق الأربع في اختيار الحاكم - هو مما يُؤَكِّد على مرونة الشريعة الإسلامية، ومن ثَمَّ قدرة النظام الإسلامي على مواكبة المستجدات، وهذه المرونة هي مما تَفَرَّدَتْ به الحضارة الإسلامية على سواها من الحضارات الأخرى .
، أرجو أن تكون هناك مصداقية في الطرح حتى لا يستغل البعض هذه الثغرة المنكرة الملبسة على الإسلام ليتهم النظام الإسلامي السياسي أنه لم يأتي إلا بالقوة وبحد السيف أو لم يأتي بنظام سياسي متكامل يخدم البشرية ، وذلك لما يقرأه من أباطيل أهل السياسة التي أراد الطامعين في الحكم أن يرسخوها في عقول الناس لضمان خضوعهم ..
هذه حقائق تاريخية نستسقيها
من دور الخلفاء الراشدين الذين كانوا على نهج النبوة
في سياسة أو آلية إختيار الحاكم
والله ولي التوفيق
سلام
via مدونة لكل الجزائريين و العرب http://ift.tt/1hh2D6I
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire