lundi 30 décembre 2013

الجريمة الدولية

مقدمة:







لم تستطـع عصـبة الأمم، التي حـاولت تأطـير التنظـيم الدولـي الحـديث مباشـرة بعـد الحـرب العالمـية الأولى، منـع الانتشـار الدولـي الخطير لجرائم الحـرب والجـرائم ضـد الإنسانـية، مما عجـل بقـيام حـرب عالمـية ثانـية ساهمـت بشـكل جـلي في التأسيـس لنظـام قانونـي دولي جديد، وضعه الحلفاء المنتصـرون على النازيـة والفاشـية، بغـية القضـاء تدريجـيا ونهائيا على جرائم الحـرب والجـرائم ضـد الإنسانيـة، أو على الأقـل التقلـيل منها ومحاصـرتها قانونيـا وقضائـيا بفعالـية.

ورغـم أن الجريـمة الدولـية لا تقتصـر فقـط على جـرائم الحـرب والجـرائم ضـد الإنسانـية، فقد شـكل التصـدي لهـذه الأخـيرة المحـور الأسـاس من انشـغالات قـادة العالـم حـاليا، فـي ظـل ترسانـة قانونـية مـن الاتفاقيات والمعاهـدات الدولـية، التي تحـاول جاهـدة حمايـة حقـوق الإنسان في السـلم والحـرب.

غير أن سلبـيات العولمـة أوجـدت بجـرائم دولـية جـديدة خـلال بدايـة هـذه الألفـية الثالـثة، على غـرار تبييـض الأمـوال، والإرهـاب الدولـي العابـر للحـدود بل للقـارات، والجريـمة الإلكترونـية التي يـكون مسرحـها الكمبيـوتر والانتـرنت..

أدى كل مـا سبـق إلى توسـع اهتـمام الفقـه والقضـاء بالجريـمة الدولـية، خاصـة بعـد فشـل منظـمة الأمم المتحـدة، التي خلفـت عصبة الأمم مباشـرة بعد الحـرب العالمـية الثانـية، في تكريـس نظـام دولـي أكـثر عـدلا، وأقل جريمة، وخـال من جـرائم الحـرب والجـرائم ضـد الإنسانـية.

كما تزامـن الانتشـار واسـع النطـاق للجريـمة الدولـية في نهاية القـرن العشريـن وبدايـة هـذه الألفـية الثالـثة مع بـروز اتفاقـيات ومعاهـدات دولـية متلاحـقة، حـاول عبرهـا فقـهاء القانـون الجنائـي الدولـي تحديد مخـتلف صـور وأنـواع الجـرائم الدولـية، وتمييزهـا، سـواء في الخصـائص أو الأركـان، عن باقـي الجـرائم الداخـلية التي تتم داخـل إقلـيم كل دولـة.

تجـدر الإشـارة فـي هـذا الصـدد أن القانـون الدولـي قد اعتـرف منذ القـدم بحيويـة مصـالح معيـنة، واعتـبر انتهاكـها عمـلا معاقـبا علـيه، ثم خـول للدولـة المعنـية حـق إيقـاع العـقاب، حـيث كانـت جريـمة التجـسس والخـيانة الحربـية تمـثل النمـط التقليـدي لتلك الوقـائع، ولعـل جريمـة القرصـنة كانـت أقـدم تلك الجـرائم، حيـث كـان هنـاك عـرف سائـد بين الأمـراء الأوروبيين، يتم بموجـبه عقـد معاهـدات خاصـة لمـنع ومعاقـبة جريـمة القرصـنة فـي أعـالي البحـار.

ولأن القانـون الدولـي الجـنائي يهـدف أساسـا إلى حمايـة النظـام الدولـي العـام، والحـفاظ على مخـتلف القـيم والمصـالح التي تهـم الجماعـة الدولـية، ويحـتكم إليها غالبـية أعضـاء المجـتمع الدولـي، فقد تزايـدت أبحـاث الفقـه واجتهـادات القضـاة الدوليين لتطـوير وتعـزيز سـبل مكافحـة مخـتلف الجـرائم الدولـية، ولـم لا التقـنين الاستـباقي لمنعهـا أصـلا مـن الوقـوع، أو على الأقـل للحـد منـها ومن انتشـارها الخطـير، خاصـة فـي ظـل توسـع فـرص ومساحـات هـذا الانتشـار بفعـل التطـور التكنولوجـي والعولـمة.

تأسيـسا على مـا سبـق، تحـاول هـذه الدراسـة الإجابـة عن سـؤال مركـزي:

إلى أي مـدى يمـكن الإحاطـة قانونـيا وقضائـيا بماهـية وخصـائص وأركـان الجريـمة الدولـية؟

تتفـرع عنه جمـلة مـن التسـاؤلات الفرعـية، على غـرار:

1 – هـل هنـاك تعـريف محـدد للجريـمة الدولـية؟

2 – مـا هـي أهم خصـائص الجريـمة الدولـية؟

3 – مـا الذي يمـيز الجريـمة الدولـية عـن باقـي الجـرائم الأخـرى؟

4 – كيف يمـكن التفريـق بين مختـلف أنـواع وصـور الجريـمة الدولـية؟

5 – مـا هـي أبـرز أركـان الجريـمة الدولـية؟

للإجابـة عن هـذه التسـاؤلات، سيتـم تقسـيم هـذه الدراسـة إلى فصلين، يتعـرض الفصـل الأول إلى أساسـيات الجريـمة الدولـية، على غرار التعريـف، والتمـييز عـن باقـي الجـرائم العاديـة، إضافـة إلى الخصـائص والأنـواع والصـور.

فيـما سيتنـاول الفصـل الثانـي بالشـرح والتفصـيل مخـتلف أركـان الجريـمة الدولـية، بـدءا بالركـن الشرعـي والركـن المـادي، الذيـن تشتـرك فيهـما الجـريمة الدولـية مع أركـان الجـرائم الأخـرى العاديـة، إضافـة طبـعا إلى الركـن الدولـي، الذي يميزهـا عـن تلك الجـرائم.



و لقد تم التركيز في الأساس في هذه المذكرة على المعلومات النظرية من آراء فقهية و معاهدات دولية ثم و بالموازاة مع ذلك حاولنا إسقاط هذه المعلومات على الواقع المعاش على المستوى الدولي سواء من حيث مدى احترام مختلف الدول لمبادئ القانون الدولي فيما يتعلق بخصائص الجريمة الدولية أو من خلال إعطاء تكييف قانوني لبعض الأحداث و الوقائع التي جرت على الساحة الدولية من حيث قابليتها لأن تكون جريمة دولية أم لا و من أمثلة ذلك مثلا ما يجري مؤخرا و مازال يجري على الأراضي الفلسطينية من عدوان على يد الكيان الصهيوني و أيضا ما جرى في العراق و في إفريقيا و أمريكا الجنوبية من أحداث تصلح لأن تكون موضوع مناقشة في موضوعنا هذا.





via مدونة لكل الجزائريين و العرب http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1499618&goto=newpost

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire