السالك في طريق الله أو المؤمن بمعنى عام ينبغي أن يكون مشغولاً على الدوام بطاعة الله ، هل معنى ذلك أنه سيترك السعي على الأرزاق؟ وسيترك طلبات الأولاد؟ وحق الزوجة؟ ويترك كل هذه الحقوق؟ لا ، فكل هذه تنضم تحت دائرة العبادة
ولكن يجب أن يكون له نية صحيحة قبل كل طاعة أو قبل كل عادة ، فأي عادة بالنية الصحيحة تتحول إلى عبادة وأي عبادة إذا لم يسبقها نية خالصة تكون عادة فالمؤمن ليس عنده عادة ولكن عنده عبادة ، كيف تكون عبادة؟ أن ينوي نية صالحة قبل كل عمل وبذلك تكون كل أعماله في دائرة الطاعة لله ، وهذه واحدة
والثانية : اعتقد البعض ، وقد رأيت ذلك في نفوسهم ، أن الواحد لما يتفرغ من جهاد الخلق بعد ذلك يشتغل في العبادة وهي الصلاة والصيام والزكاة والتسبيح والتهليل والتكبير فقط ، لا ، فالأمر العام ، مثلما كان مع رسول الله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ {7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ{8} الشرح
أي بعد أن ينتهي الإنسان مما عليه من الحقوق يتجه بعد ذلك إلى طاعة الله لكن لا يجعل هذه الحقوق تستغرق أوقاته كلها بل يعطي لكل ذي حق حقه ويزن هذه الأمور بميزان الشرع الشريف وقد يقول قائل : إن وقتي كله مستهلك في السعي على الأرزاق فمتى أسعى إلى الرزاق؟
لا بد أن يكون هناك وقت للأرزاق وكذلك وقت للرزَّاق سبحانه وتعالى ولكن وقت الرزَّاق كيف يكون؟ قال الصالحون في هذا الموضع : أن يكون لكل إنسان عبادة خاصة وهذه العبادة الخاصة ليست نمطاً ثابتاً مع الكل ولكن لكل رجل عبادته الخاصة
فمثلاً : أنا رجل مشغول بدعوة الخلق فيكون لي وقت أحصل فيه العلوم والمعارف التي يحتاجها الخلق ، وهذا الوقت أعمل به جدول منظم بحيث أرى ما يحتاج إليه الخلق في أبواب العلم ، قد أجدهم محتاجين إلى السيرة النبوية أو محتاجين إلى أسئلة في كافة الأبواب الفقهية أو محتاجين لكذا أو لكذا
أرى هذه الأبواب ويجب أن أحصلها لكي يكون عندي ما يكفيهم وأغنيهم بها عن الحاجة إلى غيري فيكون الداعي على برنامج شامل ، هؤلاء الخلق يحتاجون إلى أن يرْبو إيمانهم نربط قلوبهم بكتاب الله فنريهم الآيات الكونية الموجودة في الكون وكيف تحدث عنها كتاب الله؟ والآيات الإلهية الموجودة في الإنسان والإعجاز الذي تحدث به عنها كتاب الله
وأعرف هؤلاء الخلق بعض مظاهر خلق الله وكيف أن كتاب الله سبق العلم وسبق المخترعات والمستحدثات وتكلم عن هذه الأمور بأشياء لم تصل إليها المستحدثات إلى الآن ، فيلزم أن أنمِّي قدراتي ومواهبي في هذا الباب لكي أبيِّن للناس العجب العجاب فأقربهم إلى الرحمن عز وجل
فهذه عبادتي الخاصة وليست عبادتي الخاصة أن أصلي الليل فيأتي أحدهم ويسألني سؤالاً فأجبه بما يخطر على البال ولو خطأ ، فما دمت تعرضت لهذا الأمر يجب أن أستكمل ما علىَّ لأكون عالم وفي نفس الوقت عامل
لن أستطيع أن أتعرض لدعوة الله ، فآخذ سبيلاً آخر : فمن الممكن أن آخذ سبيل تأليف القلوب ونزع الأحقاد من النفوس والعمل على الصفاء بين المؤمنين ، كأن أسعى للصلح بين إخواني المؤمنين وهذا باب عظيم أحسن من الصلاة النفلية والصيام للنوافل قال فيه صلى الله عليه وسلم: {ألا أدلكم على ما هو خير لكم من الصلاة والصيام والزكاة والحج؟ - أى النوافل- قالوا: بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين}{1}
فأوظِّف نفسي في هذا المقام العظيم وهذا مقام الأنبياء والرسل: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ} هود88
فمثلاً: عند إصلاح ذات البين بين الناس سأقول في نفسي لقد ضاعت الليلة ولم أصلِ فيها التهجد ؛ أكون مخطأً لأن هذه الليلة أفضل من تهجد ألف ليلة وذلك لأنني أوفق بين المؤمنين عملاً بقول الله عزَّ شأنه: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الحجرات10
وهناك سبيل آخر : مثل بعض الأعمال التي كان يعملها الرجال حول رسول الله ، وهي الخدمة ، فقد كان سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر يتفقدون المرضى والعجزة وكبار السن ويخدمونهم لوجه الله ، وطلباً لمرضاة الله ، وكان على ذلك كثير من الصالحين ، وعلى رأسهم سيدي على الخواص رضي الله عنه وكان رجلاً أمياً
بماذا فتح الله عليه؟ كان يسخِّر نفسه لخدمة بيوت الله فكان يخدم بيوت الله طلبا لمرضاة الله وكانت خدمته ليست التنظيف فقط ولكن يرى كل ما تحتاجه ويتكفَّل بهذا الأمر – هات يا فلان كذا لكي نعمل حنفية ، هات يا فلان كذا لكي نعمل ماسورة ، هات يافلان كذا لكي نصلح كذا ، لماذا كل ذلك؟ لكي يعْمَر ويعمِّر مساجد الله ؛ ففتح الله عليه بعلوم وهبية لا تكون إلا لأهل الخصوصية لقيامه بخدمة بيوت الله
فإذا كنت لا أستطيع القيام بهذه الأمور وأنا رجل لي مهارة وشطارة في التجارة ، لا مانع أن أعمل في التجارة وأجعل جزءاً من مالي لله وللفقراء والمحتاجين من عباد الله وأعمل به المشروعات الخيرية التي تجعل الفقراء يقضون مصالحهم بفضل الله
لأن الفقراء الآن في معاناة في عصرنا هذا فإلى عهد قريب كان الفقراء في راحة - لأنه كانت توجد مدارس خيرية خاصة وكذلك مستشفيات خيرية للعلاج مجاناً وملاجئ خيرية - وقد قلت مثل هذه المشروعات في الوقت الحاضر
فكل واحد منا يجب أن تكون له عبادة خاصة يتعبد بها لله فحتى لو اشتغلت بالتجارة ليل نهار ولكن أحافظ على الفرائض وأخرَّج حق الله وهو الزكاة وأجعل في التجارة سهم لله إذن فإن لي بهذا عبادة خاصة وأنال بهذه التجارة درجة عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم
فالعبادة الخاصة ليست وقفا على التهجد وعلى التعبد أو على الأذكار أو على تلاوة القرآن ولكنها أي عبادة نافعة لعباد الله على شرع الله وعلى سنة حَبيب الله ومُصطفاه ونيتي فيها وجه الله
ومن ضمن العبادات الخاصة أيضاً : في مجلس علم كمجلسنا هذا ، فمن يخدمنا ومن يأتينا بالطعام ومن سيوزع علينا الماء ، هذه عبادة خاصة إذا استمر فيها وجعلها لوجه الله تجعله في يوم من الأيام من كبار الصالحين من عباد الله طالما عمله لله وليس للظهور ولا للرياء أو السمعة
فيلزم لكل مؤمن عبادة خاصة في هذه الدنيا لكي تكون له مكانة خاصة ومنزلة خاصة مع رسول الله وحضرة الله
ولكن يجب أن يكون له نية صحيحة قبل كل طاعة أو قبل كل عادة ، فأي عادة بالنية الصحيحة تتحول إلى عبادة وأي عبادة إذا لم يسبقها نية خالصة تكون عادة فالمؤمن ليس عنده عادة ولكن عنده عبادة ، كيف تكون عبادة؟ أن ينوي نية صالحة قبل كل عمل وبذلك تكون كل أعماله في دائرة الطاعة لله ، وهذه واحدة
والثانية : اعتقد البعض ، وقد رأيت ذلك في نفوسهم ، أن الواحد لما يتفرغ من جهاد الخلق بعد ذلك يشتغل في العبادة وهي الصلاة والصيام والزكاة والتسبيح والتهليل والتكبير فقط ، لا ، فالأمر العام ، مثلما كان مع رسول الله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ {7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ{8} الشرح
أي بعد أن ينتهي الإنسان مما عليه من الحقوق يتجه بعد ذلك إلى طاعة الله لكن لا يجعل هذه الحقوق تستغرق أوقاته كلها بل يعطي لكل ذي حق حقه ويزن هذه الأمور بميزان الشرع الشريف وقد يقول قائل : إن وقتي كله مستهلك في السعي على الأرزاق فمتى أسعى إلى الرزاق؟
لا بد أن يكون هناك وقت للأرزاق وكذلك وقت للرزَّاق سبحانه وتعالى ولكن وقت الرزَّاق كيف يكون؟ قال الصالحون في هذا الموضع : أن يكون لكل إنسان عبادة خاصة وهذه العبادة الخاصة ليست نمطاً ثابتاً مع الكل ولكن لكل رجل عبادته الخاصة
فمثلاً : أنا رجل مشغول بدعوة الخلق فيكون لي وقت أحصل فيه العلوم والمعارف التي يحتاجها الخلق ، وهذا الوقت أعمل به جدول منظم بحيث أرى ما يحتاج إليه الخلق في أبواب العلم ، قد أجدهم محتاجين إلى السيرة النبوية أو محتاجين إلى أسئلة في كافة الأبواب الفقهية أو محتاجين لكذا أو لكذا
أرى هذه الأبواب ويجب أن أحصلها لكي يكون عندي ما يكفيهم وأغنيهم بها عن الحاجة إلى غيري فيكون الداعي على برنامج شامل ، هؤلاء الخلق يحتاجون إلى أن يرْبو إيمانهم نربط قلوبهم بكتاب الله فنريهم الآيات الكونية الموجودة في الكون وكيف تحدث عنها كتاب الله؟ والآيات الإلهية الموجودة في الإنسان والإعجاز الذي تحدث به عنها كتاب الله
وأعرف هؤلاء الخلق بعض مظاهر خلق الله وكيف أن كتاب الله سبق العلم وسبق المخترعات والمستحدثات وتكلم عن هذه الأمور بأشياء لم تصل إليها المستحدثات إلى الآن ، فيلزم أن أنمِّي قدراتي ومواهبي في هذا الباب لكي أبيِّن للناس العجب العجاب فأقربهم إلى الرحمن عز وجل
فهذه عبادتي الخاصة وليست عبادتي الخاصة أن أصلي الليل فيأتي أحدهم ويسألني سؤالاً فأجبه بما يخطر على البال ولو خطأ ، فما دمت تعرضت لهذا الأمر يجب أن أستكمل ما علىَّ لأكون عالم وفي نفس الوقت عامل
لن أستطيع أن أتعرض لدعوة الله ، فآخذ سبيلاً آخر : فمن الممكن أن آخذ سبيل تأليف القلوب ونزع الأحقاد من النفوس والعمل على الصفاء بين المؤمنين ، كأن أسعى للصلح بين إخواني المؤمنين وهذا باب عظيم أحسن من الصلاة النفلية والصيام للنوافل قال فيه صلى الله عليه وسلم: {ألا أدلكم على ما هو خير لكم من الصلاة والصيام والزكاة والحج؟ - أى النوافل- قالوا: بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين}{1}
فأوظِّف نفسي في هذا المقام العظيم وهذا مقام الأنبياء والرسل: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ} هود88
فمثلاً: عند إصلاح ذات البين بين الناس سأقول في نفسي لقد ضاعت الليلة ولم أصلِ فيها التهجد ؛ أكون مخطأً لأن هذه الليلة أفضل من تهجد ألف ليلة وذلك لأنني أوفق بين المؤمنين عملاً بقول الله عزَّ شأنه: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الحجرات10
وهناك سبيل آخر : مثل بعض الأعمال التي كان يعملها الرجال حول رسول الله ، وهي الخدمة ، فقد كان سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر يتفقدون المرضى والعجزة وكبار السن ويخدمونهم لوجه الله ، وطلباً لمرضاة الله ، وكان على ذلك كثير من الصالحين ، وعلى رأسهم سيدي على الخواص رضي الله عنه وكان رجلاً أمياً
بماذا فتح الله عليه؟ كان يسخِّر نفسه لخدمة بيوت الله فكان يخدم بيوت الله طلبا لمرضاة الله وكانت خدمته ليست التنظيف فقط ولكن يرى كل ما تحتاجه ويتكفَّل بهذا الأمر – هات يا فلان كذا لكي نعمل حنفية ، هات يا فلان كذا لكي نعمل ماسورة ، هات يافلان كذا لكي نصلح كذا ، لماذا كل ذلك؟ لكي يعْمَر ويعمِّر مساجد الله ؛ ففتح الله عليه بعلوم وهبية لا تكون إلا لأهل الخصوصية لقيامه بخدمة بيوت الله
فإذا كنت لا أستطيع القيام بهذه الأمور وأنا رجل لي مهارة وشطارة في التجارة ، لا مانع أن أعمل في التجارة وأجعل جزءاً من مالي لله وللفقراء والمحتاجين من عباد الله وأعمل به المشروعات الخيرية التي تجعل الفقراء يقضون مصالحهم بفضل الله
لأن الفقراء الآن في معاناة في عصرنا هذا فإلى عهد قريب كان الفقراء في راحة - لأنه كانت توجد مدارس خيرية خاصة وكذلك مستشفيات خيرية للعلاج مجاناً وملاجئ خيرية - وقد قلت مثل هذه المشروعات في الوقت الحاضر
فكل واحد منا يجب أن تكون له عبادة خاصة يتعبد بها لله فحتى لو اشتغلت بالتجارة ليل نهار ولكن أحافظ على الفرائض وأخرَّج حق الله وهو الزكاة وأجعل في التجارة سهم لله إذن فإن لي بهذا عبادة خاصة وأنال بهذه التجارة درجة عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم
فالعبادة الخاصة ليست وقفا على التهجد وعلى التعبد أو على الأذكار أو على تلاوة القرآن ولكنها أي عبادة نافعة لعباد الله على شرع الله وعلى سنة حَبيب الله ومُصطفاه ونيتي فيها وجه الله
ومن ضمن العبادات الخاصة أيضاً : في مجلس علم كمجلسنا هذا ، فمن يخدمنا ومن يأتينا بالطعام ومن سيوزع علينا الماء ، هذه عبادة خاصة إذا استمر فيها وجعلها لوجه الله تجعله في يوم من الأيام من كبار الصالحين من عباد الله طالما عمله لله وليس للظهور ولا للرياء أو السمعة
فيلزم لكل مؤمن عبادة خاصة في هذه الدنيا لكي تكون له مكانة خاصة ومنزلة خاصة مع رسول الله وحضرة الله
{1} سنن أبو داود عن أبي الدرداء
http://ift.tt/1n5hF2E
منقول من كتاب {رسالة الصالحين}
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
http://ift.tt/1wSgERq
via مدونة لكل الجزائريين و العرب http://ift.tt/10ggVTp
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire